الثلاثاء، 10 فبراير 2015

إقليم طنجة-أصيلة

المساحة : 863،3 كلم مربع
السكان : 829.910 نسمة (أرقام سنة 2008)

الوسط الطبيعي والديموغرافيا
عمالة طنجة-أصيلة تقع بأقصى شمال البلاد وتطل على المحيط الأطلسي وعلى مضيق جبل طارق حيث طنجة المدينة الوحيدة التي لها واجهتين بحريتين واحدة أطلسية وأخرى متوسطية. في الأول بنيت فوق مرتفع القصبة وبدأت تتوسع تدريجيا في اتجاه رأس إسباطيل غربا (هضبة مارشان والجبل الكبير) وعلى طول الساحل في اتجاه رأس مالاباطا
ويسود طنجة طقس متوسطي معتدل بالتأثيرات الأطلسية وهبوب رياح الشرقي حيث تتميز الفصول الأربعة : شتاء بارد ورطب وصيف دافئ وجاف مع فترات بينية ممطرة. كما أن المدينة غالبا ما تتعرض لظواهر جوية حادة مثل الرياح القوية والأمطار الكثيفة ( مثال : 200 ملم من الأمطار في يوم واحد في 23 نوفمبر 2008). وغالبا ما تتراوح التساقطات ما بين 700 و1000 ملم في السنة

التاريخ
بتواجدها على بعد 14 كلم من أوربا تعتبر طنجة بوابة حقيقية للمغرب. وبواجهتين بحريتين تعتبر أيضا مدينة دولية بتاريخها وبموقعها الجغرافي.
فهي تشهد على التواجد الفينيقي والقرطاجي (طنجي) والروماني (طنجيس) وكذا عاصمة موريطانيا الطنجيطانية (القرن الثالث) واحتلت من طرف الوندال خلال القرن الخامس ثم انضمت إلى بيزنطة في القرن السادس. ولطنجة تاريخ زاخر حيث حضت باهتمام الجنرال الأموي موسى ابن نصير لموقعها الاستراتيجي ففي سنة 711 م بدأ غزو إسبانيا من طرف جيوش طارق ابن زياد الذي يشار باسمه إلى جبل طارق.
فخلال الفترة الإسلامية عرفت طنجة حكم الأدارسة والأمويين والموحدين والمرابطين ثم المرينيين
سنة 1471 م، وبعد عدة محاولات تمكن البرتغال من بسط نفوذهم على المدينة إلى أن تخلوا عنها لصالح الإنجليز سنة 1661 م بمثابة مهر مقدم من طرف Catherine de Bragance لزوجها Charles II الإنجليزي. وسنة 1679 م سيسترجعها مولاي إسماعيل الذي سيخرج بدوره منها سنة 1684م.
و بسبب المساعدة المقدمة من طرف السلطان عبدالرحمن ابن هشام للأمير الجزائري عبدالقادر، قام الفرنسيون بشن هجوم على طنجة تحت إشراف الأمير Joinville الذي قذف المدينة سنة 1844م وفكك حصونها. عندها أصبحت طنجة محط أطماع الأوربيين، أعطي للمدينة وضع دولي خلال الفترة الاستعمارية حيث صارت طنجة ذات إشعاع عالمي.
في 10 أبريل 1947م  تشرفت طنجة بزيارة السلطان محمد الخامس مصحوبا بولي العهد الأمير مولاي الحسن (الحسن الثاني ) حيث ألقى خطابه التاريخي الذي أشار فيه إلى مغرب موحد وحر. وبعد حصول المغرب على الاستقلال أقيمت في طنجة منطقة حرة لتفادي هروب رؤوس الأموال. وهكذا أصبحت طنجة  تعرف ونموا بارزا.
أما مدينة أصيلة، كانت مدينة قرطاجية تحت إسم "زيلي" ثم أضحت رومانية تحت إسم "زيليس". و في 24 غشت من سنة 1471م وتحت حكم الملك البرتغالي ألفونسو الخامس تمكن حوالي 500 زورق و30.000 جندي برتغالي من السيطرة على أصيلة التي أطلقوا عليها إسم "أرزيلة"، حيث أنشؤوا بها ساحة وسور وحصون و حولوها خلال بضع سنوات إلى فضاء تجاري واستراتيجي مهم. ففي شهر غشت من سنة 1550م أخلي منها الملك جون الثالث حيث استرجعت سنة 1577م من طرف الملك سيباستيان من أجل تهيئ بعثة واد المخازن سنة 1578م. وهكذا وفي سنة 1592، وعقب وفاة الملك البرتغالي سيباستيان سنة 1589 م خلال معركة الملوك الثلاثة، سيعمل ملك إسبانيا والبرتغال فيليب الثاني على إعادة المدينة إلى السلطان السعدي أحمد المنصور.
و عاد الإسبان فيما بعد إلى المدينة تحت إسم "أرسيلة" لكنها استرجعت من طرف مولاي إسماعيل ابن الشريف سنة 1691م. ومنذ سنة 1912 م ستستعمر المدينة من طرف الإسبان إلى سنة 1956 م تاريخ إعادة إدماجها نهائيا بالمملكة المغربية.

الاقتصاد
تعتبر عمالة طنجة-أصيلة قاطرة للتنمية الصناعية بجهة الشمال. وبتقوية نسيجها الصناعي، فهي تتجه كذلك نحو تنمية مكثفة للأنشطة التجارية والخدماتية. أما الفلاحة بمنطقة طنجة فهي نشاط ثالث ويعتمد أساسا على الحبوب.
 وتندرج طنجة ضمن القطب الصناعي الثلاثي للمغرب، وحيث كانت لفترة طويلة تحتضن أساسا قطاعات صناعية تقليدية (الفلاحة الغذائية، صناعة الحديد، إلخ)، فهي الآن تتوجه أكثر فأكثر نحو الأنشطة الدولية بالمغرب (السيارات، الطائرات، إلخ). وتتجسد هذه التنافسية الجديدة خصوصا عبر المنطقة الحرة لطنجة التي استقطبت أكثر من 6 مليار درهم من الاستثمارات مما خول لها أن تبوأ الرتبة الثامنة في الترتيب العالمي على مستوى المناطق الحرة والذي أنجز من طرف foreign direct investement
 على مستوى آخر، عرف قطاع التنمية البشرية والاجتماعية تطورا ملحوظا بإنجاز عدة استثمارات في مجال التجهيزات الحضرية البنيات الصحية والاجتماعية-التربوية والثقافية.
وتتميز المنطقة بنسبة تمدن عالية (93,6 %) وبدينامية حضرية بارزة. وهكذا تم خلق مناطق حضرية وأخرى في طريق النشأة وذلك للتخفيف من الضغط الحضري وتوسع المدينة : المدينة الجديدة "اشرافات" (طنجة) بمساحة تصل 1.300 هكتار و "العرفان" (طنجة) بمساحة 60 هكتار و"القصر الصغير" (طنجة) بمساحة 30 هكتار و"ابن بطوطة" (طنجة) بمساحة 136 هكتار.
وتتميز البنيات التحتية الصناعية بتوفر عدة مناطق صناعية منها ما هي ممتلئة أو تقريبا (مغوغة، اكزناية، المجد، إلخ). وتحتضن عمالة طنجة-أصيلة أكبر منطقة حرة على المستوى الوطني ذات إشعاع دولي ألا وهي "طنجة المنطقة الحرة" التي أنجزت فوق 900 هكتار منها 345 هكتار مستغل وب 37.000 منصب شغل و383 مقاولة و400 مليون أورو من الاستثمارات إلى حدود سنة 2007.
وهناك مشاريع مهمة لخلق مناطق صناعية كبيرة مثل ملوسة 1 و2 اللتان ستغطيان أكثر من 600 هكتار وستستقبل مصنعا ضخما للمصنع رونو.
الخط السككي يربط المدينة بالرباط والدارالبيضاء ومراكش في الجنوب وكذلك فاس ووجدة في الشرق. الطريق السيار مستغل منذ 2005 يربط بين طنجة والرباط ومدن أخرى كبرى. ويقع مطارطنجة- ابن بطوطة الدولي في منطقة بوخالف بنحو 15 كلم جنوب-غرب مدينة طنجة وتصل طاقته 1،5 مليون مسافر في السنة.
ومدينة طنجة هي الآن في طور التحول إلى نقطة أساسية في الملاحة التجارية بفضل نشاط ميناء طنجة المتوسط الذي يلعب دورا كبيرا في تسهيل الملاحة التجارية. فمنذ ماي 2010 تم تحويل جزء كبير من الملاحة نحو الميناء الجديد طنجة-المتوسط الذي يوجد على بعد حوالي 40 كلم شرق مدينة طنجة.

  الثقافة والمجتمع
 تعتبر طنجة ومنذ القدم أرض مضيافة. الجمالية والرونق جعلا منها مكانا يبعث على الاستلهام حيث استقطبت بذلك كتابا وروائيين ومفكرين من العالم أجمع. شخصيات عالمية شهيرة عاشت بهذه المدينة مثل محمد أسد وبول بويلس، إلخ. وتتميز المدينة بحركة ثقافية مكثفة.
بساكنة تناهز 700.000 نسمة ، ومن أجل توفير فئة مؤهلة من المهندسين والتقنيين والخبراء، شيد بمدينة طنجة عدة كليات ومدارس عليا (كلية العلوم والتقنيات والمدرسة العليا الملك فهد للترجمة والمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية، إلخ).

المآثر والمواقع التاريخية
 المسجد الأعظم
يعتبر المسجد الأعظم أحد أهم المعالم للمدينة شيد قبل الاحتلال البرتغالي والإنجليزي. في سنة 1684 م انتصر مولاي إسماعيل على الإنجليز وشيد من جديد مسجدا الذي تم توسيعه فيما سنة 1815م على يد مولاي سليمان.
يوجد المسجد الأعظم في زنقة الجامع الكبير التي هي تتمة لزنقة البحرية التي بدورها تلج إلى برج الحجوي ومدافعه وقبالته توجد مدرسة المرينيين الابتدائية التي شيدت سنة 1777م.
مسجد الأندلس
يوجد في حي قشتالة بالمدينة، فهو مسجد جميل له معمار عربي-أندلسي مزين بالفسيفساء والجبس المزخرف عدة أشياء تكميلية تعطيه رونقا خاصا.
  المدينة العتيقة والقصبة
 نجد داخل المدينة بائعي الأعشاب والمجوهرات والجلد، إلخ. وهي مدينة تحملك في سفر إلى الماضي عبر أزقتها وسط الأسوار المحيطة بها. فالقصبة يرجع تاريخها على القرن الثاني عشر وهي تطل على المدينة وتحتضن أماكن شهيرة كدار المخزن.
 سور المعكازين
يقع هذا المكان في الوسط بين المدينة العتيقة والمدينة العصرية وهو معروف بالمدافع النحاسية المنصوبة فوق هذا المكان الذي يطل في منظر جميل على البحر.
السوق الكبير
يشكل السوق الكبير المركز الحقيقي لطنجة. ويشمل هذا المكان سوقا يوميا حيث تجد التجار بالأزياء التقليدية. وهكذا استلهم العديد من الكتاب والروائيين أمثال جوسيف كيسيل وبول بويلس من الأجواء والطقوس التي تخيم على هذا المكان.
وتطل على المكان صومعة مسجد سيدي بوعبيد الذي شيد سنة 1917 م التي تتميز بشكلها المعماري وزخرفتها بالفسيفساء. وفي هذا المكان تجد مزيجا بين الفواكه والأثواب في نسق جميل بين الصوت والنور.
السوق الصغير
يوجد على مقربة من السوق الكبير بساحة صغيرة بنشاط وحركية مستمرة إلى الآن.
رأس إسبارطيل
 يعتبر هذا الموقع رأسا للساحل المغربي ويوجد في المدخل الجنوبي لمضيق جبل طارق على بعد 14 كلم غرب طنجة. وقبالة رأس إسبارطيل وعلى بعد 44 كلم نحو الشمال يوجد رأس طارافالكار في المدخل الشمالي للمضيق فوق الساحل الإسباني.
 عند رأس إسبارطيل عل علو 110 متر يوجد المنار الذي تم اشتغاله في 15 أكتوبر 1864م. وكان السلطان محمد الرابع بن عبدالرحمن هو الذي أمر ببنائه. ويمكن رؤية ضوء المنارة في حدود 30 ميل بحري (55،6 كلم)
متحف القصبة  
يوجد متحف الفنون المغربية بطنجة بداخل القصبة وبالضبط بداخل الشقق الأميرية لدار المخزن بقصر السلطان. شيد هذا القصر في القرن السابع عشر وتم توسيعه وإصلاحه عدة مرات قبل أن يتحول على المتحف سنة 1922م.
فبداخل هذه التحفة ذات المعمار الإسلامي يحتوي المتحف على قطع جميلة للصناعة التقليدية ولتاريخ المملكة. ويمكننا التمييز بين جزأين :
 - متحف أركيولوجي حيث تعرض القطع الأثرية للمغرب التي تجسد تاريخ البلاد منذ ما قبل التاريخ إلى القرون الأولى من عصرنا.
- متحف إثنوغرافي حيث تعرض أجمل قطع الصناعة التقليدية المغربية (الفخار، الخزف، الزرابي، الأسلحة، النسيج، الجلد، الخشب، الحلي، ...)
دار المخزن
شيد هذا القصر الجميل سنة 1684 م ثم أعيد بناؤه سنة 1740 م يحتضن حاليا متحف القصبة.
البعثة الأمريكية
أهديت هذه البناية سنة 1821 م من طرف السلطان مولاي سليمان إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث استغلت كنقنصلية لمدة 135 سنة. وحاليا تم ترميمها وإصلاحها لاستغلالها كمتحف. يتميز ها المتحف بالمعمار المغربي الأصيل الذي يشمل جميع أجزاء البناية ويحتضن المكتبة الوحيدة بالمغرب للغة الإنجليزية.
الموقع الأثري قوطا
يرجع تاريخ هذا الموقع الروماني، الذي يوجد غرب طنجة، إلى القرن الأول قبل الميلاد. ويشمل هذا الموقع مصنع لتحلية مياه البحر يعود إلى الحقبة الرومانية ويعتبر من المنشآت الأكثر حفاظا عليها بالبحر الأبيض المتوسط الغربي، كما استغل أيضا في تجارة الملح.
ميارادور دو بيرديكاريس
هذا المكان يعطي نظرة خلابة على مضيق جبل طارق.
رأس مالاباطا
يطل على مضيق جبل طارق بنظرة على 180° ويوجد به منار.

 المدينة العتيقة لأصيلة
  رغم أن أصيلة لم تحتفظ بأية مآثر القصبة المشيدة من طرف القاسم ابن إدريس وموسى ابن أبي العافية في القرن التاسع والعاشر، فإنها تتميز برونق كبير في تمازج بين الأبيض والأزرق الداكن للأبواب والنوافذ. ويحيط بالمدينة العتيقة سور كبير حول مساحة تصل 7 هكتار. ويتخلل هذا السور خمسة أبواب التي تؤرخ لفترات مختلفة من بينها اثنتين من أصل برتغالي وهما باب الحمر (Porta da Vila ) وباب البحر (Porta da Ribeira )

 الحصون والأبراج بأصيلة
من بين الحصون والأبراج الأكثر شهرة التي تجسد مكانة البرتغال نجد برج البحر (la Coraça ) وبرج القامرة (la Torre de Menagem ). فالأول شيد ما بين 1508م و1516م، وهو متقدم نحو البحر وكان يستغل في مراقبة وصول وخروج المؤن والتدعيمات. أما الثاني وهو البرج الأساسي للسور يتميز بشكله الفريد. هذه الأبراج والحصون لم تحل دون انتصار المسلمين واسترجاع المدينة للسيادة المغربية خلال القرن السابع عشر.

الموقع الأثري قواس
يوجد موقع قواس في الضفة اليمنى لواد غريفة على بعد كلمترات شمال أصيلة. وجود واد غريفة وقرب ميناء طبيعي وتوفر أرضي خصبة ومقالع الطين، كل هذا عمل على تسهيل، بدون شك، الاستقرار البشري بموقع قواس.
وهكذا توصل التنقيب في هذا الموقع إلى استخراج عدة أفران من الفخار تعود إلى فترة ما قبل الرومان الذين أنتجوا أواني الخزف خلال مدة طويلة تمتد من القرن السادس إلى القرن الأول قبل الميلاد. وبالإضافة إلى مصانع الفخار، توصل عالم آثار إلى التعرف على بناء له طابع دفاعي والذي يقترب، حسب رأي تقني في بناء المنشآت قبل الحقبة الرومانية بتمودة وليكسوس، لهندسة مصانع تحلية مياه البحر التي ترجع إلى فترة القرن الأول والثاني قبل الميلاد.

الموقع الأثري دشار الجديد
 لقد سمحت الحفريات التي أنجزت في الموقع من العثور على أحياء سكنية وضريح كبير وحامة وحاوية بأربعة أجزاء مزودة بأنبوب مدفون جزئيا شيدت لتزويد "الحدريين" بالماء في وقت لاحق.
 وفي فترة زمنية غير محددة أركيولوجيا دمرت المدينة ما بين 238 م وأواسط القرن الرابع. وهكذا تبين دراسة النقود التي عثر عليها في موقع دشار الجديد أن بناء المدينة كان بقرار رفيع المستوى وربما خلال سنوات 355-360 ميلادية. وتعتبر الكنيسة المسيحية من بين أبرز المنشآت خلال هذه الحقبة، بناية من ثلاثة أجزاء وعدة مرافق فرعية، فهي تعد المنشأة الأثرية الوحيدة من هذا النوع بموريتانيا الطنجية. وهكذا تم تدمير المدينة خلال القرن الخامس.

0 التعليقات:

إرسال تعليق